3 September, 2018 شهد الاتحاد الدولي للصناعات لحظة تاريخية إثر عودة القيادي النقابي المكسيكي نابليون جوميز أوروتيا إلى بلاده بعد 12 عامًا في المنفى ليؤدي اليمين كسيناتور، في احتفال أقيم في مكسيكو سيتي في 29 أغسطس.
وكان نابليون جوميز أوروتيا، رئيس وأمين عام نقابة عمال المناجم والمعادن في المكسيك والمعروفة باسم لوس مينيروس، ضمن القائمة الفائزة للرئيس المكسيكي المنتخب أندريس مانويل لوبيز أوبرادور وحزب حركة إعادة التأهيل الوطني (مورينا) في الانتخابات العامة في 1 يوليو.
يشار إلى كون جوميز عضوًا أصلياً في اللجنة التنفيذية للاتحاد الدولي للصناعات منذ تأسيسه في عام 2012، وقد اتحدت النقابات الأعضاء من جميع أنحاء العالم دعماً له ولحملة النقابات الديمقراطية في المكسيك.
وكان من بين الحاضرين للحفل الذي أقيم في 29 أغسطس، الأمين العام للاتحاد الدولي للصناعات فالتر سانشيز، بالإضافة لممثلين عن نقابات أعضاء: ليو دبليو جيرارد الرئيس الدولي لعمال الصلب المتحدون (USW) في الولايات المتحدة الأمريكية وكندا، ولين ماكلوسكي من نقابة Uniteفي المملكة المتحدة وإيرلندا. وقد كانت النقابات ثابتة في دعمها لنابليون جوميز ولوس مينيروس، حتى قبل أن يجبر على مغادرة المكسيك.
وقال فالتر سانشيز إنه من دواعي الفخر الشديد أن يكون لنا رفيق منتخب كجزء من الحكومة الجديدة، مما يعد بتبني قضايا العمال. كما وقال متحدثاً أمام الحفل:
"اليوم هو يوم للاحتفال بالنسبة لجميع إخواننا وأخواتنا الذين ناضلوا على مر السنين، وبالنسبة لأولئك الذين أظهروا تضامنًا دوليًا في جميع أنحاء العالم، لأن التضامن قد انتصر مرة أخرى".
بدأت قصة نفي نابليون بمأساة مروعة وقعت في 19 فبراير 2006، بعد انفجار وقع في منجم فحم جروبو ميكسيكو باستا دي كونشوس Grupo México’s Pasta de Conchos في ولاية كواويلا الشمالية، محاصراً 65 عاملاً مئات الأمتار تحت السطح.
وعلى عكس انهيار منجم سان خوسيه بعد أربع سنوات في شيلي، حين عُثر على 33 من عمال المناجم بأعجوبة بعد مضي17 يوماً وهم محاصرين تحت الأرض، فقد توقفت جهود الإنقاذ في باستا دي كونشوس بعد خمسة أيام فقط. حتى أن جروبو ميكسيكو والحكومة المكسيكية فصلتا الكهرباء عن المنجم لوقف البحث وإخفاء انتهاكات السلامة التي يمكن أن تجرم الشركة. كان هذا قبل معرفة أن عمال المنجم قد ماتوا.
وقبل وقوع الكارثة، كان نابليون جوميز، الذي تمثل نقابته عمال المناجم في باستا دي كونشوس، قد حذر بالفعل من الظروف الخطيرة في المناجم، وطلب إيقاف الإنتاج حتى تتحسن الظروف. ومع ذلك لم يسمع تحذير جوميز وحدثت المأساة.
بعد مضي اثنا عشر عاماً تقريباً، ما زالت جثث 63 من بين 65 عاملاً في المنجم، كما فشلت الحكومة المكسيكية في التحقيق مع المسؤولين أو مقاضاتهم.
وعقب هذه المأساة، أدان جوميز بقوة جروبو مكسيكو والحكومة المكسيكية، واتهمهم بالقتل الصناعي لإهمالهم تصحيح أكثر من 40 انتهاكاً للصحة والسلامة في المنجم.
وانتقاماً على تعليقاته الصريحة، أزالت الحكومة المكسيكية جوميز كقائد نقابي وفرضت إلياس موراليس بمنصب الأمين العام بالنيابة في لوس مينيروس. أثارت هذه الخطوة احتجاجاً دولياً وأطلقت المنظمات التي سلفت الاتحاد الدولي للصناعات حملة عالمية لدعم جوميز واستقلال النقابات في المكسيك.
بعد تلقيه تهديدات بالقتل لانتقاده جروبو مكسيكو، وتحت ضغط متزايد من السلطات، فر جوميز وعائلته من المكسيك في أوائل مارس 2006 بمساعدة نقابة عمال الصلب المتحدون. في 18 و19 مارس 2006، صوّتت قواعد لوس مينيروس بأغلبية ساحقة لصالح جوميز كأمين عام لها، رافضة موراليس.
في وقت لاحق، تعرض جوميز للاضطهاد في المحاكم بتهم باطلة تتعلق باختلاس أموال لوس مينيروس. وقد طعن جوميز بنجاح في الاتهامات 11 مرة إلى أن وضعت محكمة اتحادية أخيراً نهاية للقضية، باعتبار الاتهامات لا أساس لها وغير دستورية.
هذا وقد استهدفت السلطات قيادات من لوس مينيروس وسجنتها، بما في ذلك خوان ليناريس، الذي احتُجز بصورة غير قانونية لأكثر من عامين. وكان أسبوع الإجراءات التي قامت بها الاتحادات الدولية ونقاباتها الأعضاء عاملاً حاسماً في ضمان إطلاق سراحه من السجن في عام 2011.
وفي عام 2013، أزيل اسم جوميز أخيرًا من القائمة الحمراء للإنتربول للمطلوبين المشتبه بهم، وتعرضت الحكومة المكسيكية لانتقادات شديدة بسبب استخدامها الإنتربول لأغراضها السياسية الخاصة. وهذا يعني تمكن جوميز من مغادرة كندا، حيث كان قد لجأ مع عائلته تحت حماية نقابة عمال الصلب المتحدون، للمرة الأولى منذ عام 2006 وحضور اجتماع اللجنة التنفيذية للاتحاد الدولي للصناعات في جنيف، سويسرا.
وفي مايو 2014، مُنح نابليون جوميز جائزة أرثر سفينسون الدولية المرموقة لحقوق النقابات العمالية لدوره القيادي في النضال من أجل نقابات ديمقراطية في المكسيك.
في السنوات التي تلت مأساة باستا دي كونشاس، واصلت الحكومة هجماتها على لوس مينيروس من خلال تجميد الحسابات المالية للنقابة، وسجن قادة النقابة بتهم مزيفة، ومحاولة القضاء على الحق القانوني للنقابة في الإضراب، واستخدام الشرطة والقوة العسكرية في الهجمات العنيفة على العمال، مما أدى إلى وفاة ما لا يقل عن أربعة نشطاء نقابيين وجرح الكثيرين.
رغم ذلك، استمرت لوس مينيروس في كونها أنجح نقابة عمالية في المكسيك. كما نجح جوميز في إبرام اتفاقيات مفاوضة جماعية من الخارج للتفاوض على زيادة في الأجور أعلى من أية نقابة في البلد.
يقول جوميز، الذي أعيد انتخابه بالإجماع كقائد لوس مينيروس عدة مرات، إن إحدى مهامه الأولى عندما يعود إلى المكسيك ستكون إعادة فتح التحقيق في مأساة باستا دي كونشوس. وسيقود أيضاً الكفاح ضد عقود الحماية في المكسيك (التي تم التفاوض عليها بين النقابات الفاسدة وأرباب العمل خفية عن العمال)، فضلاً عن انتهاكات أخرى للحقوق النقابية التي تشكل أساس شكوى الاتحاد الدولي للصناعات المقدمة لمنظمة العمل الدولية.